المستودع الرقمي للمعلومات الدعوية

تعريف مختصر:

لا يخفى على مسلم فضل الدعوة إلى دين الله، وتبليغ الحقِّ والهدى للخلق، واستنقاذِهم من براثن العَماية والغَيِّ، وقد تكاثرت النصوص من كلام الله عز وجل وكلام نبيِّه صلى الله عليه وسلم في بيان فضل الدعوة وأهلها، وعظيم الأجر المترتِّب على هذا العمل الشريف؛ ومن ذلك ما أخبرَ الله الكريم سبحانه به في قوله: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)}؛ قال الإمام أبو جعفر بن جرير الطبري رحمه الله في تفسيرها: ((يعني بذلك جلَّ ثناؤه: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ} أيُّها المؤمنون، {أُمَّةٌ}؛ يقول: جماعة، {يَدْعُونَ} الناسَ {إِلَى الْخَيْرِ}؛ يعني: إلى الإسلام وشرائعه التي شرعَها الله لعباده، {وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ}؛ يقول: يأمرون الناسَ باتِّباع محمد صلى الله عليه وسلم، ودينِه الذي جاءَ به من عند الله، {وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}؛ يعني: وينهَون عن الكفر بالله، والتكذيب بمحمد، وبما جاءَ به من عند الله بجهادِهم بالأيدي والجوارح، حتى ينقادُوا لكم بالطاعة، وقوله: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}؛ يعني: المُنجِحِينَ عند الله، الباقينَ في جنَّاته ونعيمِه)). "جامع البيان" (5/660-661).

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم مبينًا عظيم الفضل الذي ينالُه من اهتدى الناس بسببه: ((فوَاللهِ لأن يهديَ الله بكَ رجلًا خيرٌ لكَ من أن يكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ)). "صحيح البخاري" (3009).

وقد كانت تلك النصوص ومثيلاتها محفِّزةً للموفَّقين من عباد الله على مرِّ تاريخ الإسلام لاستفراغ الوسع في هذا المسعى الحميد؛ فطافوا البلدان داعين إلى الله وإلى الحقِّ الذي هداهم إليه، ووظَّفوا كلَّ ما حازوه من علوم ومعارف في هذا الغرض النبيل.

ولما كان تبليغ الدين ونشر الدعوة الشغل الشاغل لأولئك الدعاة المباركين، فإنهم ما فتئوا يبذلون جهودًا مبرورةً في تطوير وسائل الدعوة وتجويدها، وفي السنوات الأخيرة خطت البشرية خطوات واسعة في العلوم الطبيعية والتجريبيَّة، وكان لزامًا على الدعاة إلى الله أن ينتفعوا بتلك التطورات فيما يخدُم دعوتهم، ومن الجوانب التي تطوَّرت تطورًا كبيرًا في أيَّامنا هذه جانب العناية بالرصد والإحصاء للمعلومات وبناء النظرات الارتياديَّة (الإستراتيجية) على تلك المعلومات المرصودة بعد تقييمها وتحليلها وضمِّ النظير منها إلى نظيره؛ وقد انتفع بهذا الأمر الدول والمنظمات وأصحاب المصانع والتجارات، لكنَّ أهل الدعوة لم يُولُوه بعدُ ما يستحقُّه من عناية واهتمام.

وقد رغبنا في سدِّ هذه الثُّغرة بهذا العمل، وهو اقتراح لمشروع رائد سميناه "المستودع الرقمي للمعلومات الدعوية"، والذي نرجو - إن يسَّر الله قيامه على الوجه المبتغى - أن يكون خير عون لدعاة الهدى في تجويد وسائل دعوتهم، وتوسيع دائرة انتشارها، وتقديم الأهمِّ من أبواب الدين والأنسب من طرق التبليغ والإقناع لكلِّ فئة من المدعوِّين؛ على حسب المعلومات الموثوقة والإحصاءات الدقيقة لواقع المدعوين الديني والمعرفي والاجتماعي.

وقد قدمنا بين يدي المشروع توطئةً تتبيَّن من خلالها أهمية الفكرة، والحاجة الماسَّة إلى بناء ذلك المستودع الرقمي، وما ستجنيه الدعوة الإسلامية من بنائه من ثمار.